عالم جليل رفض الذل والخنوع فسار على نهج جده الحسين (ع) كثير من أهل البحرين لا يعرفونه والبعض لم يسمع عنه، السيد
الشهيد خذله أهل زمانه فمات حسرة في غربته.
هو المحدث المجاهد السيد شبر ابن السيد علي ابن السيد مشعل الستري البحراني ، كان رحمه الله تعالى من العلماء المحدثين
والفقهاء المتبحرين والسادة المجاهدين من قرية سترة الفقيرة .
يكتب صاحب ( أنوار البدرين ) حول هذا قائلاً : " وكان السيد
شبر في آخر عمره اخذته الغيرة الإيمانية على ما جرى على أهل البحرين من الحكّام المتغلِّبين عليها من الظلم والعدوان
وغصبهم الأموال وتشتتهم في كل مكان واراه نظره وأجتهاده – وان لم يوافقه عليه أكثر علماء زمانه – إلى جميع العساكر من
أهل البحرين والقطيف الساكنين هناك لأخذ بلاد البحرين من أيدي أولئك المتغلِّبين الظالمين " .
وهذا رغم ما يبعث الحزن في قلب الثائرين ، فأننا نرجّح التوقف في أبداء الرأي حوله ، لأن الوثائق التي تحيط بمثل هذه
الأحداث التي أرتكبها طغاة تلك العصور هي من أهم أسباب أتلاف الوثائق مضافاً إلى قلة الإهتمام لمتابعة وكتابة تلك الأحداث
بدقة حيث وسائل الأنباء والإيصال لم تكن كما هي الآن .
وأما السبب الثاني :
فهو أن السيد شبر البحراني لح اجته إلى السلاح والعتاد أقتضى نظره الشريف في أن يطلب ذلك من الحاكم الإيراني ناصر الدين
شاه القاجاري حيث كان في الظاهر يتظاهر بالتدّين وبهذه المناسبة ينقل أنه : زار مرة مرقد الإمام الشهيد الحسين (ع) فطلب
من أحد الخطباء أن يقرأ له مصيبة الإمام (ع) عند ضريحه الشريف فقرأ الخطيب والشاه يتصنّع البكاء فقال الخطيب الساذج
مخاطباً الإمام الشهيد قم فهذا ناصر الدين أتاك ملبياً نداك " هل من ناصر ينصرني " !!!.
ولكنه كان من اكثر الحكام الفاسدين وكان ينافق المسلمين وهو ألدّ خصام الدين والإصلاح الإسلامي المتين .
لذلك فلما سمع طغاة البحرين بأستعداده قتالي لتحرير البحرين تحت قيادة علماء الدين وفي طليعتهم الرجل الثوري السيد شبر
الستري ، قاموا بأرسال الهدايا الكثيرة والبراطيل الوفيرة إلى حاكم شيراز لكسر سورة السيد شبر – حسب تعبير الشيخ علي
البلادي - .
من هنا فحينما وصل السيد البحراني ( عليه الرحمة والرضوان ) إلى شيراز للتفاهم مع الحاكم رفض الأخير الإجتماع بالسيد ولم
ينظر إلى ما جاء إليه ، حيث رشاوي حكام البحرين كانت قد فعلت فعلتها ونسّقت بين الطواغيت مجاري المؤامرة ضد الشعوب
المسلمة وشعب البحرين المظلوم .
فبقى السيد الستري في شيراز مقدار أربعة أشهر متكدّر الخاطر عادم المعين والناصر ، إلى أن توفي ( قدس سره ) بغصّته قبل
بلوغ أمنيته .
يعلق العلامة الشيخ علي البلادي على هذا المقطع من الحديث قائلاً :
" وهل يصلح العطّار ما أفسد الدهر ؟! والدنيا عدوّة الأحرار معاندة للأبرار ؟! تغمده الله برحمته وحشره مع آبائه وأئمته "
.
هذا عن جهاده الإسلامي وعزمه الثوري وأما عن نشاطه العلمي ، فله عدة مؤلفات منها رسالة في أصول الفقه وقواعد الإستنباط
سمّاها ( معراج التحقيق إلى منهاج التصديق ) ورسالة أخرى في نفس الموضوع سمّاها ( مهذب الأفهام في مدارك الأحكام ) وله
رسالة في أجوبة تسع مسائل صعبة في التوحيد والعقائد وعلم الأصول كتبها في غاية البسط والتسهيل .
يقول صاحب ( أنوار البدرين ) :
" والظاهر أن له غير ما ذكرناه من المصنفات ، لم أقف عليها وكان شاعراً مفوّهاً وله ابن فاضل رفيع القدر والشأن أسمه
السيد عدنان توفي أبوه المجاهد وهو صغير فذهب إلى حوزة النجف الأشرف ودرس فيها العلوم الإسلامية وكان ذكياً فطناً زكياً
عالماً عاملاً ، قرأ في الأوليات عند جماعة من الفضلاء منهم ابن عمه الفاضل الكامل الفطن التقي السيد علي البحراني من سكنة
النجف الأشرف هو وأبوه قديماً ، صحبته وحضرت معه بحث العالم الفقيه الأمين الشيخ محمد حسين الكاظمي وهذا السيد النجيب (
أعني السيد علي البحراني ابن أخي المجاهد التقي السيد شبر الستري ) من العلماء النبلاء دقيق النظر له يد طولى في
العقليات والهيئة من أهل الغريفة قرية من البحرين " .
وللسيد عدنان ابن سيدنا المجاهد مؤلفات كثيرة .
هذا وبما أن الشيخ البلادي كان معاصراً للسيد عنان يمكن الإستنتاج بان عصر الشيخ كان أيضاً قريباً للسيد شبر والد السيد
عدنان ومنه يمكن الإستنتاج أيضاً بأن الأحداث التي تحرك فيها السيد هي نفسها التي تحرك فيها المجاهد الكبير الثائر الشهيد
الشيخ علي الستري البحراني الذي قتل مسموماً في عام 1319هـ .
كما ويمكن كذلك أن نستكشف تاريخ التحرك الثوري للمجاهد التقي السيد شبر البحراني بأنه كان قبل ثورة التبغ الشهيرة التي
فجرها الإمام آية الله ميرزا محمد حسن الشيرازي صاحب الفتوى الثورية ضد حكومة الشاه ناصر الدين شاه القاجاري الذي وافق
على أتفاقية بيع التبغ للشركة البريطانية التي كانت في الواقع بوابة لسيطرة الإستعمار البريطاني على إيران بعد أن دنس
بأنجاسه بلدان الخليج كلها قادماً من الهند المضطهدة .
يستكشف ذلك لأن ابن السيد شبر البحراني – أعني السيدعدنان – كان مجازاً في الرواية وثقة مأذوناً في الحديث من قبل الإمام
الشيرازي قائد هذه الثورة التي أستمرت بتحريض من المجاهد العالمي السيد جمال الدين الأفغاني حتى قتل الشاه ناصر الدين
فأثمرت الثورة بقيادة العلماء المجاهدين وفي مقدمتهم المجتهد الشهيد آخوند الخراساني والتي أشتهرت بثورة المشروطة في
أيران عام 1905هـ .
ومهما يكن من خفاء في دقة التسجيل التاريخي لميلاد وأستشهاد السيد شبر فإن محتوى هذا العمل العظيم يبقى خالداً في تاريخ
هذا الشعب الإسلامي ذا شعاع يستنير منه أبناء الشعب البحراني المسلم في كل زمان ومكان .
أبرز صفاته وعطائه :
العلم والجهاد والهجرة .